(أهل الحزن) قوم نزل بهم البلاء واكتنفتهم المحن والرزايا وفقدوا الخلان وأنكرهم القريب واستأنس بهم الغريب فلازموا الحزن. يصبحون على الأسى ويمسون على الألم ويبيتون على الوحدة. لم يعد في نظرهم لمتاع الدنيا طعم ولا مذاق. قد ألفوا اللهم حتى صار واحدا منهم ووطنوا أنفسهم على سوء الحال حتى صار صفة من صفاتهم. وآهات وتمتمات لا يفهمها إلا من لبس ثوبهم وذاق حزنهم. يبثون شكواهم للقمر والنجوم بنظرات الحزن وهمسات الأسى. فقدوا الأمل ويئسوا من الخلق وانقطع رجاؤهم من كل حي وأوصدت الأبواب في وجوههم إلا باب الله يرجون الفرج منه ويحسنون الظن به لا كاشف لهمهم ولا مفرج لكربهم إلا هو يرقبون تنزل الرحمات واللطائف منه. وما أعظم جزاؤهم ومكافئتهم في الآخرة. وقوم من أهل الإيمان أعلى منزلة منهم حزنوا على التفريط في الطاعات واقتراف السيئات والكسل في التطوعات بالجهاد والنفقات فسكبت عبراتهم وتدفقت دموعهم في سبيل رضا خالق البريات لم يحزنوا لفقد محب وذهاب شيء من الدنيا فليس حزنهم كحزن الناس فنعم الحادي حاديهم ونعم المسرى مسراهم. ومن حزن لله أو حزن لبلاء واحتسب الثواب من الله أعقبه الله فرحا في الآخرة وجعله من أهل المسرات. وأهل الفرح ضربان قوم فرحوا بالدنيا واستكثروا من متاعها ولازموا الغفلة وأمنوا مكر الله وفرحوا بطرا وأشغلوا أوقاتهم بالحسرة والندامة وذهلوا عن سر وجودهم وغاية خلقهم فهم في غيهم يترددون وفي سكرتهم يترنحون وسيبدل فرحهم حزنا يوم القيامة فما أعظم خسارتهم وما أشد غبنهم. وقوم فرحوا بفضل الله ورحمته وعمروا أوقاتهم بطاعته وسكنت نفوسهم بذكره ومناجاته ذاقوا جنة الدنيا ودخلوا في نعيمها ولازموا التقوى فقلوبهم مطمئنة وأرواحهم في سعادة لا يذوقها إلا من سلك جادتهم واقتدى بهم فلله درهم ما أحسن عاقبتهم وأطيب مآلهم وأحسن جزاؤهم. |
الخميس، 9 يونيو 2011
اهل الحزن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق