الثلاثاء، 7 يونيو 2011

إثبات أن القرآن من عند الله،


طريق الإيمان - إثبات أن القرآن من عند الله،


وأن محمداً رسول الله
بالرغم من كل عمليات التضليل الهجومية لكافة البشر في هذا العصر، وعلى جميع الأصعدة الفكرية والعملية والتطبيقية، التضليل بأي فكر غرضه إبعاد الناس عن الإيمان بوجود الله، إلا أن فطرة الإنسان في الأجيال المتتابعة قد غلبت، وتغلب حتماً، وتهزم كل محاولات المفكرين المدّعين بعدم وجود الله سبحانه وتعالى، حتى هؤلاء المفكرين أنفسهم، غالباً ما هزمتهم الفطرةُ وهزمت أفكارَهم وإدعاءاتهم، فقد توجهوا تكراراً وقت الأزمات والفزع إلى صاحب القوة الأعظم خالق السموات والأرض، طالبين النجاة مما تعرض لهم من سوء.

الا أننا نقول أن ليس كل من صدّق أو آمن بوجود الله سبحانه وتعالى قد آمن بأن محمدَ بن عبد الله عبده ورسوله، وآمن بأن القرآن وما قبله من الكتب السماوية هي منزلة من عند الله، لأن الرسل والكتب السماوية شيء مادي، في حاجة إلى دليل عقلي أو نقلي قاطع يثبت علاقتهم بالله، وهذا ما كان من صحابة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، قبل أن يكونوا صحابته، وممن أسلم من بعدهم، عندما ادعى محمد بن عبد الله النبوة في مكة، وادعى أن هناك كتاباً يَنزل عليه، فما كان منهم إلا أن أخذوا بالتوثق من كلامه ومن صدق إدعائه بالعقل، وهم رجال الفطنة والذكاء والأدب والفراسة، وهم علماء اللغة العربية وأصحابها، وهكذا كان من كل رجل منهم، لم يدخل الإسلام حتى توثق من أمر محمد بن عبد الله، وتوثق من صدق ما ادعاه، فكانوا يمحصون في كل كلمة أو آية تنزل، وكانوا يراقبون أفعال محمد وأقواله، ويتحققون ما إذا كان يسعى وراء هوى أو دنيا أو منصب أو مُلك.




كان رأس الأمر عند قريش وغيرهم من العرب هو الكلام المُنزل وهو القرآن، الذي كان من شأنه أن يكون أولاً الرسالة إلى الناس التي تبلغهم أمر دينهم، وثانياً المعجزة التي تثبت أن محمداً نبيٌ مرسل من عند الله، ومن هنا جاءت أعلى درجات التمحيص والاختبار لمحمد، ولما كان يقوله محمد بن عبد الله، ابن قريش وإحدى فتيانها وربيبها، والتمحيص لما كان يدعيه أنه منزل من عند الله.




فهذا محمد الذي يَعلم كل رجل وامرأة وفتى من قريش هويته، وهوية حديثه، ومقدراته العقلية والنفسية، وقدراته اللغوية والأدبية والإبداعية، شأنه شأن أي رجل منهم أو امرأة أو طفل، هذا هو محمد وقد فاجأهم بكلام لم يعهد العرب كافة في الجزيرة العربية وخارجها مثله، أو على نسقه، كلام إعجازي في البلاغة المتناهية التي يعجز عنها ويعجز عن ما يشابهها العربُ كلهم بإنسهم وجنهم، بما فيهم محمدٌ ربيبهم، فمنذ ولادته وطفولته ونشأته واشتداد عوده ورجولته لم يكن يوماً يحسن شيئاً من الشعر أو النثر، أو يُحسن حفظه أو ترديده، ولم تكن له تلك الميول لمثلها أو لما يشابهها.




ها هو محمد بن عبد الله قد جاء اليوم بحديث في اللغة العربية التي كانت موضع عزتهم، ومداد فخرهم، ومنبر أحاديثهم، وساحة معاركهم الأدبية، جاءهم بهذا الحديث الذي لم يكن العرب الأقحاح وشعراؤهم وأدباؤهم وعلماؤهم آنذاك قادرين على أن يأتوا بحديثٍ كتمامه في التصوير الفني، وإبداعه القصصي، وفي طباقه وجناسه، وتشبيهاته، ومجازات ألفاظه، وتمام إيجازه، وحسن ألفاظه، ووفرتها، وتطابقها مع معانيها، وفي ضرب الأمثال، وتركيب الجُمل، والعلم الوفير، وأخبار السابقين والحاضرين، ناهيك عن أنه حديث يضم للفَطِن في طياته فكراً سياسياً واجتماعيا واقتصاديا وأخلاقياً، بل وعالمي، بل ويشير إلى وحدة فكر من نوع خاص، ويَعِد بصناعة أمة عظيمة عادلة ذات أخلاق رفيعة، ويَعد بنهضة دَوْلية، دولة ذات قوة وعزة ونصر وانتشار، أي لم يكن القرآن الذي جاء به محمد مجرد حديث موعظة، أو حديث صلاة وصيام، بل كان يشير إلى مشروع هائل، مشروع دولة عظيمة، ومستقبل عظيم.




هذا القرآن الذي أعجز بُلغاء وأدباء وفصحاء العرب كافة بنصوصه، أعجز كذلك مفكريهم بفكره، وأعجز كذلك سياسييهم ببعد نظره، وشموليته، ووضوح فكرته، وجاذبيته، وطهارة مطلبه، وبالتالي صلاحيته لأن يكون نواة دولة عظيمة، وكان من المهم معرفة صاحب هذا القرآن ومُوجده، فلم يكن أمام قريش وغيرهم من العرب إلا أحد ثلاثة حقائق، إما أن يكون هذا القرآن من عند محمد، أو هو من عند العرب أو أحد العرب، فالقرآن عربي مبين، أو هو من عند الله سبحانه وتعالى.




أما ما يُدّعى من أن هذا القرآن من عند محمد، فقد كان إدعاءً غير منضبط مع ما تعرفه قريش عن محمد ابنهم وربيبهم، وهو ادعاء باطل غير مقبول، ولم يقل به أحد منهم، فهم يعرفون محمد وقدرته وفصاحة لسانه، وأسلوب حديثه، بل ولا يتأتى لبشر معجزة لغوية كمعجزة هذا القرآن الذي يتلوه محمد، حتى العرب الآخرين، فلم يدّعِ أحد منهم أنه قال مثل ذلك القول، أو ادعى أن أحداً من العرب باستطاعته أن يأتي بمثله، بل أجمعوا أن هذا القرآن مُعجز وليس بقول بشر، لعلمهم بمستوى فصاحة اللسان العربي، وعلمهم بمنتهى القوة البلاغية عند العرب كافة، التي هي أقل بكثير من قوة بلاغة القرآن وفصاحته والعلم الذي أتى به .




وبالتالي حق لنا أن نقول: إن لم يكن العرب هم الذين أتوا بالقرآن، ولم يكن محمد بن عبد الله هو الذي أتى بالقرآن، فمن أتى بالقرآن إذن؟، وهنا تتجلى الحقيقة بإجماع العرب كافة آنذاك، المُقرّين لدين محمد أو حتى الرافضين له، أن هذا القرآن إنما هو ليس قول بشر، وبالتالي ليس من عند محمد أو من عند أحد من العرب على الإطلاق، وإنما هو دليل على أنه من عند الله على لسان من أنزله عليه، وهو محمد بن عبد الله، وهذا إثبات قطعي ودليل عقلي قاطع على نبوة سيدنا محمد، وعلى أن هذا القرآن إنما هو كتاب أنزله الله سبحانه وتعالى على محمد بن عبد الله الطاهر الصادق الشريف الأمين سيد الخلق أجمعين، أكرمهم خلقاً، وأطهرهم نسباً، وأعفهم فعلاً، وأوسعهم حلماً، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين المتبعين لدينه والقائمين بحق دعوته، وعلى صحبه أجمعين، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين .



قال الله سبحانه وتعالى في سورة الفتح 29


مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً


وقال تعالى في سورة الأعراف 158


قلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق